عامين على الوداع .. إنييستا الذي رسم البسمة وسلبها من برشلونة
عامين على الوداع .. إنييستا الذي رسم البسمة وسلبها من برشلونة
"يمكنك أن تعطيه الكرة بأي شكل تريده وبالرغم من ذلك سيسيطر عليها، هو مذهل، حتى رونالدينيو العظيم بعض الأحيان كنت تعطيه كرات فيفشل في السيطرة عليها، لكن أندريس؟ أعطه أي كرة وسيسيطر عليها"، كانت تلك هي كلمات صامويل إيتو زميل إنييستا الأسبق في صفوف برشلونة عندما سألوه عن الرسام خلال فيلمه التسجيلي الجديد.
في مثل هذا اليوم قبل عامين خرج علينا إنييستا في مؤتمر صحفي وأعلن أن ذلك الموسم هو الأخير له بقميص فريق برشلونة بعد سنوات من الخدمة في مدرسة لاماسيا وفرق الناشئين والفريق الأول.
رغبة إنييستا في الرحيل بذلك الوقت كانت مبررة ومفهومة، فبرشلونة بدأ بالفعل في التحضير لمرحلة ما بعده هو وميسي، واستقدم النجوم في وسط الملعب فجاء كوتينيو من ليفربول، وأرتور من جريميو بالإضافة لوجود باولينيو وأندريه جوميش وبوسكيتس وراكيتيتش بالإضافة لدينيس سواريز وكارليس إلينا في ذلك الوقت، بالإضافة لوجود أنباء الاهتمام بالحصول على خدمات فرينكي دي يونج موهوب أياكس.
شعر إنييستا ربما أنه لن يستطيع أن يمنح برشلونة مثل ما كان يمنحه قبل سنوات فقرر أن ينسحب بنفسه قبل أن يجد مصيره حبيس مقاعد الاحتياط.
"لم أكن أستطيع التواجد في مكان كنت أعرف أنني لن أستطيع أن أمنحه كل ما أريد تقديمه، وربما لم يتخيل أي شخص أنني سأرحل"، تلك كانت كلمات إنييستا في فيلمه التسجيلي الأخير.
نعم يا إنييستا لم نتوقع ذلك بالأخص بعد أشهر قليلة من رحيل توأمك في وسط الملعب تشافي هيرنانديز، لم يتوقع أحدهم هناك في برشلونة أو عبر البحر الأبيض المتوسط هنا في بلادنا تلك الخطوة، لم نتوقعها ربما لأننا عشقنا مشاهدتك في ملاعب نستطيع متابعتك من خلالها وليست ملاعب في أقصى شرق العالم حيث تلعب وقتما نحن نائمون، حتى رفيق دربك ليونيل ميسي لم يتوقع تلك الخطوة.
قال ميسي: "حقيقة أن تشافي غادر قبلها بعام واحد والآن أندريس وبعد قليل المزيد، لا يبقى الكثير من تلك الحقبة المميزة والهامة في تاريخ النادي، لم أتوقع ذلك لكن رحيله جعلني أدرك أن لكل شخص منا وقت".
خرج إنييستا علينا في المؤتمر الصحفي وصعق الجميع، كأنه قام بسلب أرواح الجماهير عندما قال تلك الكلمات بالدموع في عيونه.
لكنه إعلانه للقرار بشكل مبكر منح الجميع الفرص لوداعه من جماهير وزملاء وحتى منافسين، فذلك الرجل لم يكن فقط هامًا بالنسبة لبرشلونة، لكنه صاحب الهدف الذي جاء بلقب كأس العالم الوحيد في تاريخ بلاده.
فرأينا الجماهير سواء كانت من طرف النادي الكتالوني أو الأندلسي تقف لتحيته في مباراة نهائي كأس ملك إسبانيا أمام إشبيلية بالرغم من تسجيله في شباكهم، ذلك الهدف الذي لن ينساه هو نفسه أو تنساه جماهير برشلونة.
ذلك العناق الذي جمعه بميسي الذي صنع له هدفه الأخير واستمر لثوان معدودة لكنها مرت كالساعات وكأن الأرجنتيني كان يريد أن يشبع من عناق رفيق مسيرته في برشلونة ويقول له وداعًا بشكل لائق.
تلك اللحظة التي وقفت فيها كل الجماهير في الملعب وهي تصفق له وهو يغادر للمرة الأخيرة ويضع شارك القيادة على ذراع ميسي ليحمل الأرجنتيني ذلك الهم من خلفه.
مغادرته للملعب وإشارته للجماهير بالشكر، وبكاؤه على مقاعد البدلاء ومحاولته لموارة نفسه حتى لا يراه أحدهم بذلك الشكل الواهن بعد سنوات طويلة كان هو السبب فيها في بكاء الخصوم.
كأن كل الظروف اجتمعت والنجوم تراصت ليكون ذلك هو الوداع المثالي للرسام الذي رسم لوحات السعادة في كامب نو وملاعب إسبانيا والعالم.
مر عامين على إعلان إنييستا الرحيل لكن شبحه لا يزال يحومًا حول ملعب كامب نو، وذكريات لمساته تداعب أفكار جماهير برشلونة وإسبانيا طوال الوقت.
ربما لن نجد طريقة أفضل لننهي بها هذا الحديث من كلمات خصمه جيانلويجي بوفون الأخيرة والتي تحدث بها في الفيلم الوثائقي الخاص بالرسام.
"يمكنك أن تنظر للخصوم وستراهم يعرقوا ويعانوا في محاولة الحصول على الكرة منه بينما هو يبدو هاديء للغاية، هذا غير عادل، كأنك تشاهد لاعبان يخوضان مباراتين منفصلتين، هذا هو ما يميزه، عندما تخسر أمامه لا يمكنك أن تكون مستاء لأنه يفوز بطريقة مذهلة وببساطة، من العدل فقط أن يفوز دائمًا، ويجب أن يفوز في كل مباراة يلعبها لأنه يستحق ذلك".